قصيدة ماساة النزوح
عندما تقرأ المشاعر
من أصدق ما تقرأ :
مأساة النزوح و المعاناة السرمدية. شاعر النزوح: الاستاذ عبده هزازي
على أطﻻل وطن
قفا نستبحْ دمعاً تحجّرَ في المُقَلْ
قفا حيثُ أوطانٍ لنا نجمُها أفَلْ
قفا بي قليلاً كي أضمَّ عبيرَها
وأقطُف من روضاتها الدوش والنَفَلْ
قفا بي على المنقع به لذة الهوى
بقوى ودار النصرِ والجوفِ والخشلْ
وقوﻻ لقلبٍ ذاق ويلاً من النوى
ولمْ يعُدْ للبينِ والنأيِ مُُحتمَلْ
ألا أيها القلبُ الحزينُ ألا اصطبرْ
لعلَّ ليالي الخيرِ في طيِّها الأمَلْ
وقوفاً على تلك المرابعِ ويحها
نأى كلُ مَنْ فيها من الصحبِ والأهلْ
ولو أنها حِيطَتْ بشبكٍ لِأمْنِها
وأن جنوداً أحكموا حولها السُبُلْ
لقلنا لهم مرحى وهذا مُرادُنا
فتُكشَفُ أحوالٌ ويبدو لنا الخَلَلْ
ولكنَّ واقعُ حالِنا بُّحَ صوتُه
أﻻ إنَّ جُنديَّ الحراسةِ قدْ غَفَلْ
فنحنُ نرى التهريبَ قدْ زادَ وطأةً
بما يجلِبُ التخريبَ أو يجلبُ العِلَلْ
وليس لهذا الشبكِ بابٌ ومنفذٌ
فهلْ رامَ أنفاقاً أمِ انحطَّ منْ زُحَل
ونحن نرى حولَ الشبوكِ جنودَنا
مُهِمتُهم ردعُ المواطنِ إنْ دَخَلْ
قُرانا غَدَتْ نهباً لكلِ مُخرِّبٍ
فكيفَ أتى الباغي وكيف بها نَزَلْ
وكيف رَعَتْ أبقارُهم في ربوعِنا
فطابت لهم مرعى وطابت لهم مَحَلّ
فهل كان غَضُّ الطرفِ عنهم تسامحٌ
وهم يرقبوا منا الخطيئةَ والزَلَلْ
لعمرُك هذا الحالُ ضعفٌ وذلةٌ
وهم يرفعوا التقريرَ بالكذبِ والدَجَّلْ
أَظَنُّكَ هذا الحال يُرضي ابنَ نايفٍ
ولكنْ معاذَ اللهِ أنْ يرتضي الخَطَلْ
أَأُصْبحُ مطروداً ودوني حراسةً
وهمْ يسرحوا فيها ويرعوا بلا وَجَلْ
كأنِّيَ لم أسمُرْ على ربواتها
وأنْحتُ في صخراتِها أعذبَ الجُمَلْ
كأنِّيَ لم أشرَبْ زُلالَ معينِها
واطبعُ في وجناتها أصدق القُبَلْ
كأن العذارى لم يطُفنَ غوادياً
يُزينهنَّ السمتُ والصمتُ والكُحُلْ
كأني لم أرقُبْ غزالاً بروضها
إذا ما دنا طيفي تزاورَ أو جَفَلْ
يؤملني بالوصلِ ما كنتُ مُبعِداً
وإن كنتُ ذا قُربٍ تملَّص وانفتلْ
كأنَّ زماناً حالياً لم يضُمَنا
مع ذاتِ غُنجٍ ساحرٍ غيرِ مُبْتَذَلْ
كأن (دُمونَ المير)ِ كانتْ ولم تكن
وغشَّتْ على دوحاتها صُفرةُ الأجَلْ
حنانيكِ (أرضَ المير)ِ قلبي متيمٌ
على أملِ اللُقيا يدندنُ لمْ يَزَلْ
حنانيكِ ﻻ تُبدي الصدودَ لعلني
أُطِيقُ اصطباراً واحتمالاً لما حَصَلْ
أﻻ تذكري أيامَ كان لقاؤنا
على ضفةِ الوادي لقانا بمُنعَزَل
أﻻ تذكُري أيامَنا واجتماعَنا
على روضةٍ تزهو ومن حولنا النَخَل
عزفتُ لحونَ الوجدِ من نبضِ خافقي
وأدركتُ بالتجريبِ ما حُمرةُ الخَجَلْ
أﻻ تذكري ودي وشجوي ولوعتي
وشهداً أذقتينيه صيَّرني ثَمِلْ
أﻻ تذكري الأشجانَ حفّت بها المُنى
وعطّرَها نفحٌ من الشيحِ والقَفَلْ
رحيقُكِ أسكرني بغير مُدامَةٍ
فلا مثلُه حلوى وﻻ مثلُه عَسَلْ
لقد طفتُ بالدنيا لعمرُك لم أجدْ
ملاذاً كصدرٍ ضمني ساعةَ الأُصَّلْ
لََعمرُكَ ما عشقي لها متبدلٌ
ولو طُوقَتْ شبكاً على جيدِها فُتِلْ
سأشتاقُها طفلاً حبا في رياضِها
وعند صروفِ الدهرِ أحتاجُها كَهَلْ
وأذكُرها صباً إذا حنَّ رعدُها
وﻻح لنا البرَّاقُ من قمةِ الجَبَلْ
إذا ما سحابُ الخيرِ أدْجَى عشِيةً
كما اللؤلؤِ المخلوطِ بالدُرِ قدْ هَطَلْ
إذا ما اكتَستْ من خُضْرةٍ ثوبَ فتنةٍ
وزيَّنها كاذٍ على أجملِ الخُصَلْ
هناك أفيئاني إلى ظلِ دَوحةٍ
أُناغي هداهدها وأرنوا إلى الأثِلْ
وقولا لها هذا الذي ظَلَّ عاشقاً
وفياً إلى أنْ جُنَّ بالعشق واخْتَبَلْ
عبده هزازي
10/ 12/ 1435هجري
تعليقات
إرسال تعليق